شمال الباطنه، صحم، الحويل الجديده، خلف مدرسه صحم للبنات

blog

الهوية الوطنية .. أساس القيمة التربوية

 

في زوايا المدارس الحافلة بأصداء النشيد الوطني، يقضي الطلبة أعمارهم بين الكتب والأنشطة، بانين لأنفسهم جيلاً بعد جيل، لكن شيئاً ما يبدو مفقوداً لدى البعض منهم ... ليس كتاباً ولا واجباً، بل هو الهوية، قيمة الطالب الحقيقية وانتماؤه العميق الذي يشكل ملامحه الوطنية العمانية، لا في وجهه فحسب، بل في فكره وأخلاقه ومظهره.

الهوية الوطنية العمانية ليست لباساً تقليدياً نرتديه في المناسبات، أو نشيداً نردده في الطابور فحسب، بل هي نفَس عميق يُبقي الروح موصولة بالتاريخ، والأرض، والعادات والموروث، وهي الصورة البصرية التي نرى فيها الطالب بلباسه المحتشم، ولهجته العمانية الأصيلة، واعتزازه بما يحمل من رموز وطنه، فضلاً عن أنها الصورة الأخلاقية التي تتجلى في احترام الكبير، وفي الصدق، والنخوة والولاء لوطن لم يبخل عليه يوماً بشيء.

إننا نواجه اليوم سؤالاً مؤلماً: لماذا بدأ ملمح الهوية الوطنية يبهت في عيون بعض أبنائنا؟ لماذا يغيب الحسن العُماني عن حديثهم، وذوقهم، وعن سلوكهم اليومي؟ وإننا إذا ما استخلصنا الجواب، نجده يتجسد في أركان ثلاثة، الركن الأول منها هو الأسرة، التي لها دور لا يختلف عليه اثنان في غرس القيم في أبنائها واعتزازهم بجذورهم، وهو أمر لا ينبغي إهماله، والركن الثاني هو المدرسة التي هي البيت الثاني للطالب، فإن انشغالها بالمناهج دون تغذية روح الطالب، يؤدي إلى فقدانها رسالتها الأساسية، أما الركن الثالث من تلكم الأركان، فيقف عند وسائل الإعلام التي تغرق الطالب أحياناً في بعض صور وأفكار دخيلة وهدامة، تبهره لكنها لا تمثله.

إن الهوية الوطنية ليست شعاراً نرفعه بل هي سلوك نمارسه، وحين يرى الطالب أن القدوة التي أمامه تفتخر بعمانيتها، سيكبر ملهماً بالفخر ومستشعراً قيمة نفسه، حين يُعلم ويدرك أن لباسه العُماني أناقة، وأن لهجته جمال، وأن تاريخه مصدر اعتزاز، وسيتشبث بهويته الوطنية دون تكلف، فالطالب كالعطر، يحمل أثر ما تربى عليه، وتفوح منه القيم التي زرعها فيه بيته ومجتمعه.

ولا يمكن تجاهل أن الهوية البصرية والأخلاقية للفرد العماني تشكل قاعدة بناء المجتمع. فإذا ما تخلى الطالب عنها، خسرنا أكثر من كونه مظهراً خارجياً، فقد خسرنا جيلاً لا يعرف من هو، ولا إلى من ينتمي.

في الختام، لا يكفي أن نعلم أبناءنا القراءة والكتابة، إن لم نعلمهم أولاً من يكونون؟ فالطالب الذي يعرف نفسه، ويعتز بعُمانيته، هو من سيحمل الوطن في قلبه حيثما ذهب، وسيكون مرآة صادقة تعكس وجه عُمان الجميل في كل مكان.

أ‌/	مايدة بنت عيسى البلوشية
أ‌/ مايدة بنت عيسى البلوشية

كاتبة محتوي ومعلمة رياض أطفال

معلمة رياض أطفال متخصصة في صعوبات التعلم والتفكير الإبداعي، تجمع بين الخبرة العملية والشغف بتطوير قدرات الأطفال. تتميز بقدرتها الاستثنائية على تحبيب الأطفال في القراءة وتحويل التعلم إلى تجربة ممتعة ومثيرة.

 

عن غراس

تقديم الخدمات المتخصصة في مجال القرآن والقراءة والقيم والقيادة لتحقيق السعادة والنجاح للطفولة، بأحدث الطرق والأساليب التربوية الحديثة على يد مجموعة من الكوادر العمانية المدربة.