🌿 التحضّر يبدأ من القلب لا من الحجر
يظن بعض الناس أن التحضّر يعني الأبراج العالية والسيارات الفاخرة، لكن الحقيقة أن التحضّر الحقيقي لا يُقاس بالمظاهر، بل بالأخلاق الجميلة والقيم الطيبة التي يحملها الإنسان في قلبه. فكم من شخصٍ عاش في بساطة، لكنه كان راقيًا في سلوكه وكلامه، وكم من آخرٍ امتلك المال والمكانة، لكنه افتقد روح التحضّر لأنه فقد الأخلاق.
التحضّر هو أن نحترم أنفسنا والآخرين، وأن نتعامل بلطفٍ وعدلٍ ورحمة. هو أن نُقدّر الكبير، ونرعى الصغير، ونتحدث بأدبٍ واحترام. أن نحافظ على النظام والنظافة في بيوتنا وشوارعنا ومدارسنا، لأن هذه التفاصيل الصغيرة تُظهر رقيّ المجتمع.
الإنسان المتحضّر يعتذر عندما يُخطئ، ويشكر من قدّم له المعروف، ويؤدي عمله بإخلاصٍ من غير انتظار مقابل. وهو لا يفعل الخير خوفًا من القانون، بل لأن ضميره يرشده لما هو صواب. فالحياة الجميلة لا تُبنى بالخوف، بل بالمسؤولية وحبّ الآخرين.
التحضّر يبدأ من داخل الإنسان، من قلبٍ يعرف الرحمة، وعقلٍ يفرّق بين الصواب والخطأ، وضميرٍ لا يغفل عن الخير. وكل تصرفٍ بسيطٍ نفعله يعكس صورتنا وصورة وطننا أمام الآخرين. فالمتحضّر لا يحتاج إلى من يذكّره بالآداب أو النظافة، لأنه يعرف أن هذه السلوكيات جزء من تربيته وإنسانيته.
العُماني بطبعه إنسان متحضّر، يحمل في سلوكه قيم الأصالة والكرم والتسامح، ويفتخر بهويته التي ورثها عن أجداده. أينما ذهب، كان سفيرًا للأخلاق الطيبة، ينشر السلام والاحترام، ويُظهر جمال الإنسان العُماني في كل موقف.
فلنغرس في قلوب أبنائنا أن بناء الإنسان أهم من بناء العمران، وأن الأخلاق هي الزينة التي لا تزول، وأن التحضّر لا يبدأ من الخارج بل من الداخل. فكل طفلٍ صادقٍ ومتعاونٍ ومهذّبٍ، هو لبنة في بناء وطنٍ جميلٍ ومتحضّر.
فلنبدأ من أنفسنا، بكلمةٍ طيبة، وابتسامةٍ صادقة، واحترامٍ صادقٍ للآخرين. فحين تزهر الأخلاق في القلوب، يزدهر الوطن في العيون، ويشرق وجه الحياة بالمحبة والإنسانية.
