

◾تختلف مسميات الدول العربية والإسلامية للمكان الذي يتعلم فيه الأطفال القرآن الكريم والقراءة والكتابة فالأكثر يسميه الكتاتيب وبعضها مدرسة القرآن والبعض الآخر المحاظر ومنهم من يسميها الخلوة، أما في الصومال فيسمى (الدُكْسِي).
◾تقول بعض المراكز البحثية أن 70% من الشعب الصومالي تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن عن طريق الدكسي، وهو المدرسة التقليدية في الصومال والمهد الأول للمعرفة الإسلامية.
◾في الأرياف يتخذ معلم الدكسي شجرة معينة ليدرس تحتها الطلاب، وقد تتحسن الصورة في المدن فتجد المعلم في مكان بني من جذوع الأشجار، بينما الدكسي المتطور وهو قليل تجده في مبنى ويلزم طلابه بلباس معين.
◾يتمتع معلم القرآن في الصومال والقرن الأفريقي بقدسية واحترام حتى في الحروب، فالدكسي يأتي بعد المسجد في قدسيته والمحافظة عليه، لذلك يختار له مكاناً نظيفاً قريباً من المسجد يحظر رعي المواشي فيه، وتلحق به مغسلة للألواح يحظر وضع الأجل عليها.
◾الرواية التي تشتهر في الصومال هي رواية الدوري، وبدأت رواية حفص تشتهر لوجود المصاحف التي تأتي للصومال بهذه الرواية من بلاد الحجاز.
◾يذكرني الدكسي الصومالي بحال الكتاتيب القديمة والتي عايشناها ونحن في الصغر، حيث أن المعلم لا يتقاضى أجراً معيناً بل بما تجود به أيادي أهل الطلاب، وفي حال الأسر الفقيرة في الصومال يواصل الأبناء في الدكسي ولا يطردون من الحلقات ولا يشكلون عبئاً على المعلم ولا يشعرهم بذلك.
◾ينشأ الكتاب أو الدكسي بعد وصول العدد لعشرة أطفال أو أكثر في قرية معينة، حيث يجتمع أهل القرية ويستدعون شيخاً محايداً لاختيار معلم يرشحه لقيادة الكتاب، ويجب أن يكون قد تلقى العلم وفق سلسلة معينة وحفظ القرآن وحفظ (لامية الأفعال) لابن مالك و(لامية الشاطبي) للإمام الشاطبي في القراءات.
◾يقول الدكتور علي عبد الله ورسمة أن حوال 87% من أطفال الصومال يذهبون للدكسي، وهي نسبة رائعة تبين ثقة الناس في حلقات القرآن، ويعتبر الصومال في المقدمة بين دول العالم الإسلامي في القرآن الكريم وحفظه.
◾ندرة وجود المصاحف المطبوعة في الصومال أدى بالناس لحفظ القرآن عن ظهر قلب، ففي القديم كانت هناك نسخ بأيادي ناس معينين فقط يسافر إليهم للتأكد من الآية.
◾معلم القرآن في الصومال رجل محظوظ حيث أنه بعد اختياره للتحفيظ يوهب شاة عن كل طالب يرعاها له أهل الطالب، ويكون أعزباً حتى يتخرج على يديه أول دفعة من الطلاب، بعدها يختار عروساً ويجبر أهلها بتزويجه إياها لأنه شرف لهم، ويتكفل أهل الطلاب بالمهر والتجهيز، بعدها يستقل المعلم بمواشيه التي دفعها له أهل طلابه بعد تحفيظهم، وعادة يكون ذلك بعد ثلاث سنوات.
◾بعد ظهور المدارس أصبح لزاما مجاراة العصر في ذلك، وحتى لا يغيب دور القرآن، كانت مناهج المرحلة الابتدائية تركز بنسبة 70% على القرآن الكريم خوفاً من انسحاب الأطفال للدكسي.
◾من باب التحفيز في الدكسي الصومالي فإنه عند قرب نهاية الحزب الأول في جزء عم وفي سورة الفجر بالتحديد، يقوم الأب بعمل حفلة للطفل يحضرها الجيران وطلاب الدكسي وتسمى (الوليمة الصغرى)، وعند قرب الانتهاء من الحفظ كاملاً يقوم ولي الأمر بعمل حفلة كبيرة يحضرها أولياء أمور طلاب الحلقة تسمى حفلة (كسر القلم) ليبري بعدها الطالب قلماً جديداً وينطلق انطلاقة جديدة لبداية عهد مشرق وجديد بإذن الله.
◾الطالب الذي يحفظ القرآن أولاً في الدكسي يعين مساعداً للمعلم، ويسمى (الكبير)، يعني في زماننا كنا نسميه عريف الصف، وبعدها رئيس الصف يحل محل المعلم في غيابه وينيبه في بعض المناسبات.
◾المعلم يصبح متابعاً ويسأل عن طلابه بعد إتمام الحفظ وخروجهم من الحلقة، وأحياناً عندما يلتقي بهم في مكان ما يطلبهم للتسميع ليضمن أنهم خرجوا طلاباً يحافظون على ما اكتسبوه، فقد يتعرض الطالب أحياناً للإحراج إن لم يكن محافظاً على حفظه، بل يسقط من عيون الناس ويتلبس بالفضيحة.
◾اللوح، المداد، القلم الخشبي هي أدوات التعليم في الدكسي القرآني الصومالي، ولعل تفنن الطلاب في صناعة أقلامهم ومشاركة الأهل والإخوة الكبار في صناعة اللوح والمداد يشعرك بفرحة الأسرة وتجهيزها للطفل لبداية المستقبل مع القرآن.
◾يراعي معلم الدكسي الفروق الفردية بين الطلاب، فكل طفل يُعطى مقدار النسخ على لوحه بمقدار ذكائه.
◾يصلي طلاب الدكسي القرآني في الصومال مع معلمهم الفجر في جماعة، وبعدها يوقدون النار ليبدأوا في تسميع الحفظ القديم وكتابة الجديد، وببزوغ الشمس يكون الطالب قد أنهى يومه التعليمي وينطلق بعدها في يومه العملي كرعي الأغنام وغيرها.
◾تشتهر الصومال بطريقة جميلة في مراجعة الحفظ تسمى (السُبَع)، حيث يجلس فيها المعلم مع طلابه الحفظة أو مجموعة من الحفاظ، فيقرأ كل واحد منهم آية ويكمل الآخر، ويختار المعلم مكان البداية. مما يميز هذه الطريقة أن الطالب يكون فيها منتبهاً خوفاً من الخطأ وزعزعة ثقة المعلم فيه، وهي طريقة جميلة لوطبقت في جلسات العائلة وأثناء وجودنا في السيارة وحلقات الفجر وغيرها، وليس بالضرورة أن يكون للقرآن كاملاً بل قد يكون سورة، فهي تبعد الملل عن النفس.
◾يقسم طلاب الحفظ في الصومال لقسمين: الأول قسم (الفطيسن أو التقعيد) وهم الذين يقعدون للحفظ والمواظبة، ويكون لهم ميزات حيث يخفف عنهم أعباء الرعي، ويتم تعاهدهم من الأمهات بالأكل ليسهل عليهم الحفظ الذي يكون أحياناً بصوت، أما البقية والذين لا يستطيعون المواظبة لظروفهم فإنهم لا يُحرمون من حفظ القرآن، بل يكونوا في القسم الثاني مراعاةً لأحوالهم.
◾يمثل الدكسي القرآني بالإضافة لدوره في تحفيظ القرآن منارة للقيم وغرس السلوك في الناشئة، فالطفل يعتاد على تسمية العم والعمة على كل كبير يلقاه.
◾في حال انقطاع المطر، فإن الناس تهرع لمعلم القرآن وطلابه، فيخرجون للاستسقاء، وهو يرددون (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَاراً) ويحملون ألواحهم معهم.
وحلقات الفجر وغيرها، وليس بالضرورة أن يكون للقرآن كاملاً بل قد يكون سورة، فهي تبعد الملل عن النفس.
◾يقسم طلاب الحفظ في الصومال لقسمين: الأول قسم (الفطيسن أو التقعيد) وهم الذين يقعدون للحفظ والمواظبة، ويكون لهم ميزات حيث يخفف عنهم أعباء الرعي، ويتم تعاهدهم من الأمهات بالأكل ليسهل عليهم الحفظ الذي يكون أحياناً بصوت، أما البقية والذين لا يستطيعون المواظبة لظروفهم فإنهم لا يُحرمون من حفظ القرآن، بل يكونوا في القسم الثاني مراعاة لأحوالهم.
◾يمثل الدكسي القرآني بالإضافة لدوره في تحفيظ القرآن منارة للقيم وغرس السلوك في الناشئة، فالطفل يعتاد على تسمية العم والعمة على كل كبير يلقاه.
◾في حال انقطاع المطر، فإن الناس تهرع لمعلم القرآن وطلابه، فيخرجون للاستسقاء، وهو يرددون (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَاراً) ويحملون ألواحهم معهم.