

سلسلة هكذا كانوا مع القرآن
🌻طلبت مني إدارة إحدى المؤسسات التعليمية رعاية تكريم طفل يبلغ من العمر 5 سنوات ويحفظ 3 أجزاء.
🌻ما أجملها من دعوة.. فوافقت بشرط أن يمنحوني وقتاً للجلوس مع أسرة الطفل قبل الحفل للاستماع منهم كيف استطاعوا تحفيظه؟ لنقل تجربتهم للمجتمع لشحذ الهمم من أجل بناء جيل المستقبل.
🌻وافقت الإدارة وجاءني الاتصال بأن يوم الخميس بعد المغرب نحن بانتظارك.
🌻حضرت في الموعد ودخلت إدارة المؤسسة ونظرت أمامي ووجدت طفلا مهذبا أنيقا قام لتحيتي وجلست قريبا منه... من نظرتي الأولى له عرفت أن هذا الطفل هو إبراهيم الذي سيكرم.. فقلت له: أنت إبراهيم. قال: نعم.
🌻بحثت بنظري في جنبات الغرفة ورأيت في الجهة المقابلة إمرأة تجلس وعلامات الثقة تعلو محياها.
🌻فقلت لها: أنت والدة إبراهيم. فقالت: نعم. فقلت لها: اشرحي لي كيف استطعتم تحفيظ إبراهيم ثلاثة أجزاء وهو في هذا السن.
🌻أخذت تتكلم عن دورها كأم في متابعته مع القرآن، وكنت بين الفينة والأخرى أسألها عن دور والده فكانت تتهرب ويتغير لونها.
🌻أخبرتني أنها لم تكمل تعليمها الثانوي وأنها لا تمتلك رصيداً في البنك ولا تمتلك سيارة لكنها تمتلك العزيمة والإصرار.
🌻تحكي لي قصتها واستطردت فاستوقفتها لأعلم دور والده في مسيرته القرآنية لأن الأمر يهمني كمربي، لكني رأيت الدمعة تنحدر من عينيها وتتوقف لتكفكفها.
🌻هنا توقفت وشعرت بأنني قد فتحت جرحا قد أغلق وأن والده ربما متوفى فقلت لها: رحمة الله عليه إن كان متوفى وأسأل الله أن يجمعكم به في جنات الفردوس.
🌻فاجأتني بقولها: والده موجود لكنه مسافر. فقد سافر وعمر إبراهيم 8 أشهر والآن عمر إبراهيم 5 سنوات لم يره.
🌻تفطر قلبي ألماً لقساوة قلب الأب الذي غاب عن أولاده هذه المدة وتذكرت حالنا إن غبنا شهر عن فلذات أكبادنا.
🌻هنا فاجأتني أم إبراهيم وكأنها علمت ما يدور في ذهني، فقالت: لا أخفي عليك يا أستاذ والد إبراهيم مسجون منذ خمس سنوات في مجموعة قضايا ومن بينها قضية أخلاقية، هذه القضية جعلتني أبكي على مخدتي أيامًا سئمت كلام الناس وخاصة أهلي... خفت على مستقبل أبنائي وكيف ستكون نظرة الناس لهم وقد فعل والدهم ما فعل؟
🌻وذات ليلة وأنا أراقب الليل وسكونه وماذا يخفي لي من مآسي... كأنني سمعت منادياً في أذني يقول عليك بالقرآن.
🌻وفي الصباح فكرت وبدأت أبحث عن أخت تعلمني القرآن، لم يأتي الظهر إلا وقد وجدتها ووافقت وبدأت أتعلم على يديها.
🌻وبعد شهرين وجدت نفسي أحفظ جزئين ونصف من القرآن، حتى قالت لي معلمتي: يا أم إبراهيم أنت الآن أفضل مني في التجويد فعودي إلى أسرتك لتبدأي مشوارك.
🌻عدت لبيتي وأنا أحمل همة أم تريد أن تنسي الناس فعل رب أسرتها وتغير نظرة الناس لأطفالها بتحفيظهم القرآن وجعلهم يتميزون فيه.
🌻بذلت جهدي مع إبراهيم حتى أصبح يحفظ 3 أجزاء ونصف وعمره 4 ونصف.
استخدمت معه كل أساليب الترغيب والتحفيز وكنت أستغل وقت نشاطه للتحفيظ.
🌻وهناك خبر آخر يا أستاذي وهو أن لدي أخت لإبراهيم وهي رؤية عمرها 7 سنوات وتحفظ 5 أجزاء.
🌻تصور يا أستاذي أن كل أسرتنا أصبحت تتفاخر بإبراهيم ورؤية حتى أنني أخجل من نفسي أحياناً عندما يقول بعض أهلي لأبنائهم ليتكم كنتم كرؤية وإبراهيم.
🌻أشعر بفخر عندما أذهب إلى روضة إبراهيم أو مدرسة رؤية وتقابلني المعلمة بالثناء على أبنائي في أخلاقهم وحفظهم للقرآن.
🌻كل هذا بفضل القرآن الكريم، لقد وهبت حياتي لتحفيظهم كتاب الله.
لقد نسيت فعلة والدهم، أنساني إياه الحياة مع القرآن فقد بدأت بالحفظ معهم وأنا الآن في الجزء 17 من القرآن.
وأسأل الله أن يجمعني بيني وبين والدهم أن يجدهم من حفظه كتاب الله.
🌻هذه همة امرأة رأت في القرآن الكريم علاجاً لمشكلات حياتها.
🌻أم علمت أن القرآن يرفع أصحابه وأن نظرة الناس للحافظ تنسيهم هفوات الآباء.